نقلا عن مصادر متعددة لشبكة موقع تابع نيوز الاخباري:
ظل اتصال الغرب بالشرق في العصور الوسطى اتصال تجارة، قلما يتعدى ذلك إلى ما يمكن أن يكون بينهما من صلات، حتى كان عصر الحروب الصليبية، فبدأ الغرب يتطلع إلى ما قد ظل طويلاً في أيدي الشرق، من نفوذ وسلطان ومال.
لكن الدكتورة سهير القلماوي في تقديمها لكتاب لويس ديكنسن «رسائل صينية» تؤكد أن شمس النهضة ما كادت تشرق على أوروبا الغربية، حتى تعرض هذا النفوذ والسلطان والمال إلى أشد أخطار الزوال، وكان أول ما بهر الغرب عندما زار الشرق، ليستكشفه تمهيداً لغزوه، هو هذا الثراء الضخم والبذخ العظيم اللذان رآهما في الشرق.
ولما كان الشرق لا يزال مجهولاً إلا من طبقة المتأدبين، وحتى هذه الطبقة لم تكن لتعرف إلا اليسير، فقد كانت الحكومات الأوروبية تختار هؤلاء المتأدبين، ذوي الإلمام اليسير بالشرق، فهو أحسن من لا شيء، ليكونوا سفراءها إليه، ليتعرفوا الى مجاهيله، فيمهدوا لها سبيل الفتح والسيطرة، على أساس من المعرفة الحقة.
استغل الشرق في الأدب الغربي كثيراً في تلك الفترة، لقد فتح آفاقاً واسعة جديدة من الخيال وأثار طائفة منوعة طريفة من العواطف، وتعددت سبل استغلال الشرق في الأدب الغربي، فكان من أقواها وأمتعها استغلاله كستار مزركش، يخفي وراءه الكاتب ما يريد من نقد، لا يستطيع أن يجهر به، أمام السلطان الناشئ القوي في أوروبا، فما أسهل أن ينقد الأديب نظم بلده، من خلال نقده لنظام شرقي.
كتب الكتّاب كثيراً عن الشرق مبهورين وواصفين وناقدين، لكنهم تنبهوا أخيراً إلى أن وراء هذا البذخ، بل وراء تلك العجائب روحاً تستحق منهم أن يقفوا أمامها، رغم ما قد أسدل عليها من أستار، فوقفوا وإذا بهم يتعرفون اليها فيحترمونها بل يتطلعون إليها في لهفة، فقد أقفرت مدنيتهم الغربية، وكلما سارت مدينتهم على جلال جمالها وخطر شأنها، في خطاها الواسعة نحو رقي العلوم ونحو السيطرة على المادة وجدت نفسها تمشي في الوقت نفسه نحو افتقار الروح، فأحس كتابها على مر الزمان ظمأهم إلى الروح العظيمة التي فقد الشرق كل شيء سواها فعاش راضياً بما فقد، قوياً متطلعاً إلى المستقبل في صبر.
مؤلف هذه الرسائل التي أخرجت على لسان رجل صيني كاتب إنجليزي هو لويس ديكنسن، وهو يقارن في صراحة بين ما عرف الصينيون من معنى الحياة فأسعدهم، وما عرف الغرب من معناها فأتعسهم، وقد استغل حوادث الأزمة التي كانت على أشدها بين الصينيين والإنجليز، ليغذي بهذا الخلاف الواقعي آراءه في الاختلاف الجوهري المعنوي بين مدنية الشعبين، بل بين الصينيين والأوروبيين عامة، وقد سماها رسائل جون الرجل الصيني، ونشرها دون توقيع، ليخيل إلى القارئ أن كاتبها رجل صيني بالفعل.
وافتعل في أسلوبه افتعال الغريب عن لغة، يكتب بها ليتقن الخدعة، كأن يستعمل ألفاظاً مهجورة بدل الألفاظ شائعة، أو أن يعني من معاني الكلمة غير معناها الشائع عنها، أو أن يركب الجملة تركيباً غير مألوف، وهكذا مما كان مصدر عناء غير يسير في الترجمة، على حد تعبير الدكتورة سهير القلماوي، وعاش مؤلف الرسائل أعواماً بعد تأليفها، يرى صدى ما ألف في نفوس الناس، وأثر ما نشر من آراء، في سبيل تغيير أسس ما قد بنوا مدنيتهم عليه.
قابل الناس أفكار الكتاب، بالإعجاب والتصديق، ثم الوقوف عند هذا الحد، وقامت الحرب العالمية الأولى وما عادت الحياة في أوروبا سيرتها الأولى، وكانت الصدمة قوية فاهتز لها العالم، وما لبثت أن تطورت إلى فترة استعداد لحرب ثانية، ومات الكاتب في تلك الفترة دون أن يرى نتائج ما كتب.
ونود الإشارة بأن تفاصيل الاحداث قد تم حصرها من شبكات إخبارية أخرى وقد قام فريق التحرير في موقع تابع نيوز الاخباري بالتحري والتأكد من صحة الخبر وتم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل او الاقتباس منه ويمكنك متابعة مستجدات هذا الحدث من مصدره الرئيسي له.
شاكرين لك تفهمكم لذلك نامل ان نكون عند حسن التوقعات.
المصدر: www.alkhaleej.ae